اخبار
ضربة جديدة لعملاق العقارات الصيني “إيفرغراند” تثير فزع المستثمرين
انهارت ثقة المستثمرين بشركة “تشاينا إيفرغراند” وسط مؤشرات متزايدة بشأن تعرّض أكبر مطوّر مدين في العالم لأزمة نقدية.
تراجعت أسهم شركة العقارات العملاقة إلى أدنى مستوى لها في أربع سنوات يوم الثلاثاء، لتواصل خسارتها المستمرة على مدار يومين إلى 28%، ولتقضي بذلك على ارتفاع الأسبوع الماضي المدفوع بآمال الحصول على أرباح خاصة. كما انخفض عدد من سندات “إيفرغراند” المحلية والخارجية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، إذ هبطت الأوراق النقدية من فئة 2025 دولاراً إلى 54 سنتاً. وامتدت عمليات البيع أيضاً إلى المقترضين الصينيين الآخرين المُصنّفين في الدرجة غير الاستثمارية.
وتصاعدت الشكوك المستمرة منذ فترة طويلة حول الصحة المالية لشركة “إيفرغراند” خلال هذا الأسبوع، بعد تجميد محكمة محلية وديعة بنكية قيمتها 20 مليون دولار للشركة، التي تعرّضت أيضاً لفرض حظر على مبيعاتها العقارية من قِبل حكومة المدينة، بسبب فشلها في تخصيص أموال كافية تُحصّل كضمان في أثناء فترة ما قبل البيع.
أثارت التطوّرات القلق من أن “إيفرغراند” لا تبيع العقارات والأصول الأخرى بالسرعة الكافية، من أجل سداد التزاماتها المتضخّمة إلى ما يعادل 301 مليار دولار في نهاية عام 2020.
وقال ما دونغ، الشريك في صندوق السندات “بي جي كابيتال مانيجمينت” (BG Capital Management)، ومقره بكين: “إن مخاطر ديون (إيفرغراند) تتراكم سريعاً، وحتى مع صغر الأصول المُجمّدة يظلّ المستثمرون قلقين من قيام مزيد من الدائنين بإجراءات مماثلة”.
ورغم خروج “إيفرغراند” بسلامة من أزمات السيولة السابقة، فإن بعض المستثمرين يُراهِن على أن الأمر مختلف هذه المرة، في ظل تحوّل مواقف حكومة الرئيس الصيني شي جين بينغ التي أصبحت أكثر تسامحاً إزاء حالات العجز عن السداد. وفعلياً، خفض بعض البنوك الكبيرة المملوكة للدولة إقراض “إيفرغراند” حتى مع استمرار قول الشركة المطوّرة مراراً وتكراراً إن علاقاتها مع الدائنين طبيعية.
يكمن الخطر في عجز “إيفرغراند” الكبير عن امتداده إلى النظام المالي الصيني، ما قد يؤدي إلى انعدام الثقة بالشركات العقارية الأخرى عالية الاستدانة، ومقرضي الظل، وحتى بعض البنوك. وفي نهاية الشهر الماضي، أبلغ مسؤولو أكبر جهة رقابية مالية صينية، مؤسس “إيفرغراند” هيوي كا يان، أنه يتعيّن عليه حل مشكلات ديون شركته في أسرع وقت ممكن، مؤكدين الحاجة إلى تجنّب صدمات اقتصادية كبرى، وفقاً لتصريحات مصادر مطّلعة على الأمر إلى “بلومبرغ” في وقت سابق من هذا الشهر.
ولم تستجب “إيفرغراند” لطلب التعليق على الأمر.
مخاوف الدائنين
بالتوازي، قال أوموتوندي لاوال، رئيس ديون الشركات في الأسواق الناشئة بشركة “بارينغز يوكيه” (Barings UK)، إن “الودائع المصرفية المجمّدة جعلت بعض الدائنين يتساءل عمّا إذا كانت (إيفرغراند) لا تزال تتمتع بدعم ضمنيّ من السلطات الصينية.. الشيء الرئيسي الذي يجب مراقبته الآن هو ما إذا كانت البنوك الأخرى أو الشركات الائتمانية ستُسرّع المطالبة بسداد القروض أو تجميد الأصول”، مضيفاً أن ورود أي أخبار بشأن نجاح بيع “إيفرغراند” للأصول قد يساعد في تهدئة أعصاب المستثمرين.
وذكرت “بلومبرغ” الاثنين الماضي أن “إيفرغراند” تدرس اكتتاباً عاماً أولياً في هونغ كونغ لأعمالها المتخصصة في المياه المعبأة، مع أن البيع سيجمع بضع مئات من ملايين الدولارات فقط خلال العام المقبل. وفي تقرير لشهر يونيو الماضي، كتبت أغنيس وونغ، المحللة في “بي إن بي باريبا” في هونغ كونغ، أن المطوّر العقاري، ومقره شينزين، يمتلك أسهماً قيمتها 80 مليار دولار في الأعمال غير العقارية، التي يمكن أن تساعده في توليد السيولة بعد بيعها.
وتترقب الأنظار ما إذا كانت “إيفرغراند” ستتمكن من تأمين أسعار جذابة لتلك الأصول أم لا، بعدما تراجع جميع شركاتها الرئيسية المدرجة في الأسابيع الأخيرة، مع تقلّص القيمة السوقية لشركة “إيفرغراند بروبيرتي سيرفيسز” (Evergrande Property Services) بنحو 17 مليار دولار منذ أعلى مستوى لها في شهر فبراير، وانخفاض شركة “إيفرغراند نيو إنيرجي فيهيكل” (Evergrande New Energy Vehicle) بأكثر من 60 مليار دولار في هذه الفترة.
حكم قضائي
بدأت هزيمة أسهم الشركة هذا الأسبوع صباح الاثنين الماضي بعد توزيع المتداولين حكماً قضائياً بشأن نزاع على قرض بين شركة “إيفرغراند” وشركة “تشاينا غوانغفا بنك” (China Guangfa Bank Co)، جمّد وديعةً قيمتها 132 مليون يوان (20 مليون دولار) بحوزة “هينغدا ريل إستيت غروب” (Hengda Real Estate Group) التابعة لـ”إيفرغراند”، بناء على طلب بنك “غوانغفا”.
كما ظهرت أنباء في وقت متأخر من يوم الاثنين حول وقف مدينة شاويانغ الصينية مبيعات اثنين من مشاريع “إيفرغراند” السكنية، إذ قال بيان منشور على موقع إدارة الإسكان المحلي إن الحكومة اتخذت هذا الإجراء بعد تعامل “إيفرغراند” بشكل غير صحيح مع أموال فترة ما قبل البيع، وتهربها المتعمّد من الإشراف.
وتعتبر المبيعات السكنية مصدراً رئيسياً لتدفقات المطوّر النقدية، الذي كان يخفّض من قروضه ليُلبّي المقياس الرئيسي للديون، المطلوب من قِبل المنظمين، وذلك اعتباراً من 30 يونيو. وتمكنت “إيفرغراند”، وفقاً لبيانها الصادر في 1 يوليو، من جمع 321 مليار يوان نقداً من أنشطة المبيعات في النصف الأول من هذا العام.
ويبيع المطوّرون الصينيون العقارات السكنية قبل اكتمال البناء، شريطة إيداع الأموال من هذه المبيعات في حسابات مصرفية خاضعة للإشراف، فيما صُممت حسابات الضمان لمنع البنائين الذين يعانون من ضائقة مالية، من التخلّي عن المشاريع.
وباعت “إيفرغراند” عقارات في أحد مشاريع “شاويانغ” بقيمة تعادل 290 مليون يوان هذا العام حتى 13 يوليو، لكنها أودعت 106 ملايين يوان فقط في حساب الضمان، وفقاً لبيان الحكومة المحلية، التي أشارت إلى أن الشركة أودعت نحو 17 مليون يوان في مشروع آخر مقابل 238 مليون يوان من المبيعات. ويستمر توقّف الشركة عن المبيعات حتى 13 أكتوبر المقبل، ولا يمكنها استخدام الأموال المودعة حالياً في الحسابات المصرفية الخاضعة للإشراف.
وستناقش “إيفرغراند” خطط توزيع أرباح خاصة في اجتماع مجلس الإدارة المقرر عقده في 27 يوليو، لكن من غير المرجّح أن يموّل المطور هذه الخطة نقداً، وفقاً لمحللي “سي سي بي إنترناشيونال” (CCB International)، الذين يتوقعون احتمالية توزيع الأسهم في شركة “إيفرغراند نيو إنيرجي فيهيكل”.
المصدر: